[محمد بن جعيثن]

بعض الناس يعتبر طبعه الذي نشأ عليه..وعرفه الناس به..وتكونت في اذهانهم الصوره الذهنيه عنه على

اساسه ..يعتبره شيئا لازما له لا يمكن تغيره ..فيستسلم له ويقنع ..كما يستسلم لطول جسمه او لون

بشرته..اذ لا يمكنه تغير ذلك..؟؟؟؟؟؟

مع ان الذكي يرى ان تغيير الطباع لعله اسهل من تغير الملابس !! فطباعنا ليست كاللبن المسكوب الذي

لايمكن تداركه او جمعه.. بل هي بين ايدينا.. بل نستطيع باساليب معينه ان نغير طباع الناس ..بل

عقولهم_ربما -!!


--------

ذكر ابن حزم في كتابه طوق الحمامه: انه كانه في الاندلس تاجر مشهور..وقع بينه وبين اربعه من التجار تنافس..فأبغضوه..وعزمو على ان يزعجوه..


فخرج ذات صباح من بيته متجها الى متجره..لابسا قميصا ابيض وعمامه بيضاء..لقيه اولهم فحياه ثم نظر الى

عماته وقال:ما اجمل هذه العمامه الصفراء..

فقال التاجر:اعمي بصرك؟!! هذه عمامه بيضاء..

فقال: بل صفراء..صفراء لاكنها جميله..

تركه التاجر ومضى.. فلما مشى خطوات لقيه الاخر.. فحياه ثم نظر الى عمامته

وقال:ما اجملك اليوم..وما احين لباسك.. خاصة هذه العمامه الخضراء..


العمامه الخضراء..

فقال التاجر: يارجل العمامه بيضاء..

قال: بل خضراء..

قال: بيضاء..اذهب عني..ومضى المسكين يكلم نفسه.. وينظر بين الحينه والاخرى الى طرف عمامته

المتدلى على كتفه..ليتاكد انها بيضاء..

وصل الى دكانه.. وحرك القفل ليفتحه.. فاقبل الثالث اليه وقال: يا فلان .. ما اجمل هذا الصباح ..وخاصة

لباسك الجميل..وزادت جمالك هذه العمامة الزرقاء.نظر التاجر الى عمامته ليتاكد من لونها ..ثم فرك عينيه..

وقال: يااخي عمامتي بيضاااء..

قال: بل زرقاء ..لكنها عموما جميله.. لاتحزن..

ثم مضى ..فجعل التاجر يصيح به..العمامه بيضاء..وينظر اليها..ويقلب اطرافها..جلس في دكانه قليلا.. وهو لا

يكاد يصرف بصره عن طرف عمامته..

دخل عليه الرابع.. وقال: اهلا يا فلان ..ما شاء الله!!من اين اشتريت هذه العمامه الحمراء؟!فصاح التاجر:

عمامتي زرقاء..


قال: بل حمراء..

قال التاجر: بل خضراء..لا..لا..بيضاء..لا..زرقاء..سوداء..ثم ضحك..ثم صرخ..ثم بكى..وقام يقفز!!


قال ابن الحزم: فلقد كنت اراه بعدها في شوارع الاندلس مجنونا يحذفه الصبيان بالحصى!!


فاذا كان هؤلاء بمهارات بدائيه غيروا طبع الرجل..بل غيروا عقله..

فما بالك بمهارات مدروسه..منوره بنصوص الوحيين..يمارسها المرء تعبدا لله تعالى بها..

فطبق ما تقف عليه من مهارات حسنه لتسعد..

.
.
.

د /محمد بن عبد الرحمن العريفي