عرض مشاركة واحدة
قديم 30-11-2008, 07:22 PM   #1
معلومات العضو
تركي الزايد
مرااقب عام مشرف الدواووين الادبيه

الصورة الرمزية تركي الزايد
إحصائية العضو







آخر مواضيعي
افتراضي ضجيج القبيلة ومأزق الهوية ...

أنا لا أكره البعير ولكنني أكره أن يتحول الإنسان إلى بعير، وما نشهده هذه الأيام أن الكثير من الناس يتحولون بمحض إرادتهم إلى (بعارين) بشرية تقود سيارات الدفع الرباعي وتتصل ببعضها البعض عبر أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وبرغم أنهم من خريجي الجامعات ويرتدون بناطيل الجينز إلا أنك تستطيع تمييزهم من خلال السنام الذي ينمو فوق ظهورهم يوما بعد يوم. قد يعثر علماء الاجتماع على ألف سبب لتنامي ظاهرة التعصب القبلي بين أوساط الشباب، ولكنني لا أرى سببا أهم من أزمة الهوية التي يعيشها شبابنا حيث وجدوا أنفسهم فجأة في فضاء العولمة المفتوح وحين سألهم الآخرون: (من أنتم؟) لم يعثروا في داخلهم على إجابة محددة فقالوا: (مجاهيم طال عمرك). لا ينكر عاقل أن القبيلة تعد وحدة سياسية واجتماعية هامة وهي جزء أساسي من مكونات الثقافة العربية، ولكن الاعتزاز بالجذور القبلية شيء والتعصب الأحمق شيء آخر تماماً، وما يعيشه شباب اليوم هو تخلف مضحك لا يليق أبدا بروح العصر ولاينسجم إطلاقا مع مبادئ القبيلة العربية التي اشتهر أبناؤها بالكرم والشجاعة وعزة النفس، ما يفعله هؤلاء الشباب لا علاقة له بهذه المبادئ النبيلة فهم يضعون رموزا لقبائلهم باللغة الانجليزية على سيارات يابانية الصنع، ويستخدمون جوالات مستوردة من فنلندا لإرسال رسائل متعصبة تعرضها القنوات التلفزيونية المتخلفة، وهكذا تنتشر العنصرية البغيضة وتسود لغة المفاخرة البلهاء بين أبناء الوطن الواحد.
وفي الوقت الذي تنتخب فيه أقوى دولة في العالم رئيسا أسود لا زالت أسرته تقيم في أفريقيا، يذهب بعض أبنائنا الى الولايات المتحدة ليتلقوا العلم ولكنهم يتواصلون مع الوطن عبر منتديات الانترنت مستخدمين رموزا وأسماء قبلية تدل على تعصبهم مما يعني أنهم خرجوا من هنا والوبر يغطي جلودهم وأدمغة الجمال تملأ رؤوسهم وكانهم قد ابتعثوا الى الربع الخالي.
ما لايعرفه هؤلاء (المهايطية) أن القبيلة العربية لم تكن في يوم من الايام مؤسسة اجتماعية تدعو للانغلاق وتمجد العزلة، بل على العكس من ذلك تماما حيث اشتهرت عبر التاريخ بروحها المضيافة الرحبة وتواضع أبنائها وحرصهم الشديد على الاتصال بالآخرين واحترام الغريب، بل إن من السمات الثقافية الهامة للقبيلة العربية احتقار الادعاءات الجوفاء والابتعاد عن اللغة الاستعراضية وقديما قالت العرب: (الفضل ما شهدت به الأعداء).
إنها عودة مخيفة إلى الوراء, فالجد الذي عمل وتجاور مع أناس من مختلف الأعراق وأحبهم مثلما يحب أهله لا يتخيل إطلاقا أن حفيده تحول إلى متعصب صغير يسير في مدرسته ضمن مجموعة معزولة تتكون من أبناء قبيلته ويحاول إعادة كتابة التاريخ الذي يجهله عبر رسائل الجوال، وبما أن لكل ظاهرة تجارها فإن القنوات الفضائية المتخلفة تحاول التكسب من خلال إذكاء نار التعصب القبلي حتى لو كان ذلك على حساب المجتمع والوطن.


منقووووووووووووووووووووووووووووووول







التوقيع

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

تركي الزايد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس