عرض مشاركة واحدة
قديم 22-11-2007, 03:10 PM   #2
معلومات العضو
تركي الزايد
مرااقب عام مشرف الدواووين الادبيه

الصورة الرمزية تركي الزايد
إحصائية العضو







آخر مواضيعي
افتراضي

حكمُ تتبُّعِ رُخصِ الفقهاءِ والتلفيقِ بين المذاهب :

اتفقَ أهلُ العلم على تحريم تتبُّع الرخص والتلفيقِ بين المذاهب والأقوال بلا دليل شرعيٍّ راجح ، وإفتاءَ الناسِ بها ، وهذه أقوالُهُم :

* قال سليمان التيمي (توفى عام 143 هـ) ( لو أخذتَ برخصةِ كلِّ عالمٍ اجتمع فيك الشرُّ كلُّه ) قال ابنُ عبد البرِّ معقباً ( هذا إجماعٌ لا أعلمُ فيه خلافاً ) الجامع (2/91،92) .

* قال معمرُ بنُ راشد (ت154) ( لو أنَّ رجلاً أخذ بقول أهل المدينة في السماع – يعني الغناءَ – وإتيان النساءِ في أدبارهن ، وبقولِ أهل مكَّة في المتعةِ والصرفِ ، وبقولِ أهل الكوفة في المسكر ، كانَ أشرَّ عباد الله تعالى ) لوامع الأنوار للسفاريني (2/466) .

* قال الإمامُ الأوزاعيُ (ت 157) ( من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام )سير أعلام النبلاء (7/125) للذهبي .

* وقال الإمامُ أحمد ُ بنُ حنبل (ت241) ( لو أن رجلاً عمِلَ بقولِ أهل الكوفة في النبيذ وأهلِ المدينة في السماع وأهلِ مكة في المتعةِ كانَ فاسقاً ) لوامع الأنوار البهية للسفاريني (2/466) وإرشاد الفحول للشوكاني صـ272.

* وقال إبراهيم بن شيبان (ت 337) ( من أراد أن يتعطَّلَ فليزم الرُّخَص ) سير أعلام النبلاء للذهبي (15/392) .

*وقال ابنُ حزم (ت 456) في بيان طبقات المختلفين ( وطبقةٌ أخرى وهم قومٌ بلغت بهم رقَّةُ الدين ، وقلَّةُ التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قولِ كلِّ قائلٍ فهم يأخذون ما كانَ رخصةً من قولِ كلِّ عالمٍ مقلدين له غيرَ طالبيين ما أوجبه النصُّ عن الله تعالى وعن رسوله صلي الله عليه وسلم ") الإحكام صـ645 .
ونقل عنه الشاطبيُّ أنه حكى الإجماعَ على أنَّ تتبُّعَ رخص المذاهب بغير مستندٍ شرعيًّ فسقٌ لا يحلُّ – الموافقات (4/134) .

* وقال أبو عمرو ابنُ الصلاح (ت 643) في بيان تساهل المفتي : ( وقد يكون تساهُلُه وانحلالُه بأن تحملَهُ الأغراضُ الفاسدةُ على تتبُّع ِ الحيل المحظورةِ أو المكروهةِ ، والتمسُّكِ بالشُّبَهِ طلباً للترخيصِ على من يرومُ نفعُه أو التغليظُ على من يريدُ ضرَّه ،ومن فعل ذلك فقد هانَ عليه دينُه ) آداب المفتي صـ111

*وقال سلطانُ العلماء العزُّ بنُ عبد السلام (ت 660) ( لا يجوزُ تتبُّعُ الرخص ) الفتاوى صـ122 .

* وسُئل الأمامُ النوويُّ : هل يجوزُ لمن تمذهب بمذهب أن يقلِّد مذهباً آخر فيما يكون به النفعُ وتتبعُ الرخص ؟ فأجاب : لا يجوزُ تتبُّع الرخص ، والله أعلم ) فتاوى النووي جمع تلميذه ابن العطار صـ168 .

* وقال الإمامُ ابنُ القيمّ (ت /75) ( لا يجوزُ للمفتي أن يعمل بما يشاء من الأقوال والوجوه من غير نظرٍ في الترجيح ) إعلام الموقعين ( 4/211 ) .

* وقال العلاّمةُ الحجَّاوي ( ت968) ( لا يجوز للمفتي ولا لغيره تتبُّعُ الحيل المحرَّمةٍ ولا تتبُّعُ الرخص لمن أراد نفعَهُ ، فإنَّ تتبُّعَ ذلك فسقٌ ، وحَرُمَ استفتاؤُه ) الأمتاع (4/376) .

*وقال العلاّمة السفاريني (ت 1188 ) ( يحرُمُ على العاميِّ الذي ليس بمجتهد تتبُّعُ الرخص في التقليد ) لوامع الأنوار (2/466)

والحاصل مما تقدم أنه قد نقل الإجماع على تحريم تتبع رخص الفقهاء أربعة من العلماء هم ابن عبد البر ، وابن حزم ، وابن الصلاح ، والباجي


الموقف عند الاختلافِ في مسألةٍ ، وماذا يجبُ على المستفتي ؟

إذا تعددت الفتاوى في المسألة على المسلم فما هو موقفه من هذا الاختلاف ؟

لا يجوز له تتبُّع رخص الفقهاء ويجب عليه أن يتَّبع القولَ الصوابَ في المسألة فماذا يفعل ؟

الجواب : ينبغي أن يكون اختيارُه مقيّداً بمعيارٍ محدَّدٍ يُعرفُ به القولُ الراجحُ من المرجوح وهذا المعيارُ هو قوله تعالى فإن تنازعتُم في شيءً فردُّوهُ إلى الله والرسول  النساء 59 ، فما وافق الكتابَ والسنّةَ فهو الحقُّ وما خالفهما فهو الباطل .


1) فعلى المسلمِ الناظرِ في مسائل الخلافِ أن يختار القولَ الذي يرجِّحه الدليلُ ، قال أبو عمرو ابنُ عبد البرِّ : ( والواجبُ عند اختلاف العلماء : طلبُ الدليل من الكتابِ والسنّةِ والإجماع والقياسِ على الأصول منها وذلك لا يُعدم ، فإذا استوت الأدلّةُ وجبَ الميلُ مع الأشبه بما ذكرنا بالكتاب والسنّة ، فإذا لم يَبِنْ ذلك وجب التوقفَ فإذا اضطُرَّ أحدٌ إلى استعمالِ شيءً من ذلك في خاصَّةِ نفسِه جاز له ما يجوزُ للعامّةِ من التقليد واستعمل قولُه صلي الله عليه وسلم " البرُّ ما اطمأنت إليه النفسُ ، والإثمُ ما حاك في الصدر ، فدع ما يريبُك إلى ما لا يريبُك " ) جامع بيان العلم (2/80-81) ، وهكذا قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه ( 2/203).

2) وعلى المسلم أن يستفتي من هو مستوفٍ لشروط الإفتاء علماً وورعاً ، ولا يعمد إلى أدعياء العلم الذين تصدروا الإفتاءَ جهلاً وزورا ، أو إلى المتساهلين في الإفتاء من أهل الرخصِ والحيل فإن هؤلاء لا يجوزُ استقتاؤهُم كما مرّ معنا .

3) وعلى طالب الحقِّ أن يستعين بالله ويتضرّعُ إليه بالدعاءِ ليهديه إلى الحقِّ ، وليدعُ بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم " اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ، فاطرَ السمواتِ والأرضِ ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ، أنت تحكمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنك ، إنّك تهدي من تشاءُ إلى صراط مستقيم " مسلم (1/534 ) عن عائشة .

4) فإذا استحكم الخلافُ ولم يهتدِ المسلمُ إلى معرفةِ الحقِّ من ذلك الاختلاف ، فله أن يقلِّد من يثقُ بعلمه ودينه ولا يكلّفُ بأكثر من هذا .
قال الخطيبُ البغداديُّ : ( فإذا قال قائلٌ : فكيف تقول في المستفتي من العامّة إذا أفتاهُ الرجلانِ واختلفا ، فهل يجوزُ له التقليدُ ؟ قيل له : هذا على وجهين :

احدُهما : إنْ كان العاميُّ يتسعُ عقلُه ويكملُ فهمُه فعليه أن يسأل المختلفَين عن مذاهبهم وعن حُجَجِهِم فيأخذُ بأرجحها عنده ، فإن كانَ عقلُه يقصرُ عن هذا ، وفهمُه لا يكملُ له ، وسِعهُ التقليدُ لأفضلهما عنده ) الفقيه (2/204).

5) فإن أراد أن يسلك مسلكَ الاحتياطِ والتورع ،فله أن يختار أحوط القولين فيقدِّمُ الحاظرَ على المبيح صيانةً لدينه عن الشبهات لقوله صلي الله عليه وسلم " .. فمن اتقى المشبَّهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " متفق عليه . والله أعلم



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


و كتبه

أبو عبد الله إبراهيم المزروعي السلفي ثم الإماراتي








التوقيع

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

تركي الزايد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس